الأحد، 13 يناير 2019

مهابهارتا


مهابهارتا
هي واحدة من أعظم الكتب في العالم.
 وهي أيضاً أطول قصيدة كتبت على مر العصور.
 ملحمة المهابهاراتا
إحدى أشهر قصيدتين ملحميتين معروفتين في الهند،
والقصيدة الأخرى هي رامايانا.
 وتتألف من 220,000 مقطع شعري:
 أطول من العهدين القديم والجديد مجتمعين بخمس عشرة مرة.
مقسّمة إلى ثمانية عشر فصلاً.
كتبت القصيدة باللغة القديمة المقدسة للهند.
 تُرجمت هذه القصيدة إلى عدد من اللغات الهندية الحديثة لأن القصة التي ترويها ذات شعبية واسعة في الهند كلها.
والقصيدة هي مصدر
آلاف المعتقدات والأساطير والأفكار والتعاليم والشخصيات
التي هي حتى الآن جزء من الحياة الهندية.
 وهذه القصيدة العظيمة تحكي قصة النزاع الدموي الطويل بين مجموعتين من أبناء العمومة:
 الباندافا، وهم خمسة أخوة ،
والكورافا ، الذين يوجد منهم مائة.
وهذا النزاع العائلي الذي يدور حول
 من سيحكم
ينتهي بمعركة طاحنة يتهدد فيها مصير العالم

ويرى بعض المؤرخين في هذه القصيدة تصويراً أميناً
 للحروب بين الدرافيديين والآريين في الألف الثاني قبل الميلاد.
ويرى آخرون أن التفسير الصحيح للقصيدة هو تفسير ميثولوجي بأكمله ،
لكن آخرون أيضاً يؤكدون على أهمية الكتب التعليمية في الملحمة- سياسياً وإجتماعياً وأخلاقياً ودينياً-
ويرون أن الماهابهاراتا معالجة مطولة للشعائر الملكية

بدأت الماهابهاراتا (حوالي سنة 500 ق.م) قصيدة قصصية قصيرة،
لا يتجاوز طولها حداً معقول ، ثم أخذت تضيف إلى نفسها في كل قرن من القرون المتعاقبة حكايات ومقطوعات ،
وإمتصت في جسمها قصيدة (بهاگاڤاد گيتا)
كما ضمت بعض أجزاء من قصة راما ،
حتى بلغ طولها في نهاية الأمر 000ر107 زوج من أبيات الشعر الثمانية المقاطع -
 أي ما يساوي الإلياذة والأوذيسية مجتمعين سبع مرات
 وإسم مؤلفها أسطوري ،
 إذ ينسبها الرواة لمن يسمونه (فياسا) وهي كلمة معناها "المنظم" ،
 فقد كتبها مائة شاعر ، وصاغها ألف منشد
ثم جاء البراهمة في عهد ملوك جوبتا (حوالي 400 م)
 فصبوا أفكارهم الدينية والخلقية في هذا المؤلف الذي بدأ على أيدي أفراد من طبقة الكشاترية ؛
 وبهذا خلعوا على القصيدة تلك الصورة الجبارة التي نراها عليها اليوم

الملحمة
تعني كلمة مهابهاراتا الملك العظيم بهاراتا.
وتتحدّث القصيدة عن المنافسات والنزاعات والمعارك التي دارت بين الكاورافاس والباندافاس،
 وهما فرعان من أسرة بهاراتا الحاكمة.
 ينحدر الكاورافاس من أبيهم الذي عرف باسم دريتاراشترا. كان دريتاراشترا أعمى، ولذا فقد فشل في أن يكون ملكًا
، واعتلى العرش بدلاً منه أخوه باندو
الذي ينحدر منه الباندافاس.
 تنازل باندو عن العرش فيما بعد ليصبح راهبًا متدينًا،
 وتولى دريتاراشترا زمام الملك.
نشأ أبناء دريتاراشترا، الكاورافاس،
 وأبناء عمهم باندو الخمسة معًا،
ولكن المنافسات كانت تحتدم دائمًا بين الأسرتين.
 انقلبت هذه المنافسة إلى استياء شديد في الأمور التي تتعلق بمن يرث العرش الملكي.

وبعد نزاع مرير تمّ إرسال الباندافاس إلى المنفى.
 تواصل القصيدة وصف مغامراتهم الكثيرة،
 ومن ضمنها إقامتهم في بلاط الملك دوروبادا.
 وهناك تزوج كل من الأخوين المنفيين ابنة الملك التي كانت تعرف باسم دراوبادي.
 وخلال فترة المنفى قابل الباندافاس كرشنا
 واعترفوا به
فيما بعد تجسيدًا لمعبودهم فشنون
الذي ساعد بقوته ونصائحه في تقويتهم في معاركهم التالية ضد الكاورافاس.

بعد رجوع الباندافاس من المنفى
 اقتسموا المملكة مع أبناء عمهم الكارافاس،
ولكن ذلك لم يحقق سلامًا دائمًا.
 لعب أكبر الأخوين الباندافا ويودهشترا النرد مع أحد الكاورافا والذي كان يطلق عليه اسم دوريودانا.
لقي دوريودانا عونًا من عمه شاكوني وكان دائمًا يستعمل الزهر المشحون.
وبسبب ذلك فَقَد يودهشترا كل شيء بما في ذلك زوجته دراوبادي .
 ومرة أخرى أجبر الباندافاس على الذهاب إلى المنفى.
وامتدت محنتهم حتى معركة كوروكشيترا الكبرى
 التي نشبت بين عامي 850 و650ق.م على أرجح الظنون
، بالقرب من عاصمة الهند الحديثة دلهي.
 قُتِل كل أمراء الكاورافاس في هذه المعركة وبذا أصبح يودهشترا ملكًا،
 واستمّر في حكمه حتى شعر أنه قد أتّم مهمته في الحياة.
 وهنا تنازل عن العرش وبدأ رحلة الصعود إلى السماء،
هو وإخوته الباندافاس الآخرون وزوجتهم دراوبادي. وقد رافقهم في هذه الرحلة كلب، كان يمثل معبودهم دارما، وهو إله الواجب والقانون الأخلاقي في الأساطير الهندية.
وبعد مغامرات عديدة اتحد الباندافاس مرة أخرى في السماء في خاتمة المطاف

تشكل هذه القصة،
التي تُكوِّن الموضوع الرئيسي للمهابهاراتا،
نحو ربع القصيدة فقط. وتتخلل القصة كثير من الحكايات الأخلاقية والأساطير والطرائف المليئة بالتعاليم الدينية والمبادئ الفلسفية الهندية. كما تشتمل أيضًا على مقاطع عن فن الحكم والحكومة الصالحة،
وتحتوي المهابهاراتا كذلك على عدد من القصص الشعبية الأخرى،
 بما في ذلك قصة نالا ود أمايانتي،
وقصة سافتري وساتياوان،
 وقصة راما،
 وقصة شاكونتالا.
 وتقدم معركة كوروكشتيرا فرصة لدراسة ونقاش الإستراتيجية العسكرية
 ولكن الفكرة الأساسية للمهابهاراتا تتعلق بالواجب الأخلاقي والسلوك القويم من وجهة النظر الهندية.
وقد أتاح الصراع الطويل والمعقد الذي مزّق أسرة بهاراتا الملكية الفرصة لبيان الواجبات والسلوك المتوقع للملك
كما أنها أيضًا تبيّن مثاليات السلوك للرعايا والجند ورهبان الدين والناس الذين يعانون من المحن والبلايا

جرى التقليد على اعتبار العالِم القديم فياسا هو مؤلِّف المهابهاراتا،
 ولكنَّ الأرجح أنه جمعها. فالملحمة تبدو كمجموعة كتابات لمؤلفين عديدين
عاشوا في أزمنة مختلفة فالأجزاء القديمة يرجع عمرها في الغالب إلى نحو 2500 عام،
بينما يمكن تتبع بعضها إلى وقت متأخر يرجع إلى عام 500م.
تطّورت أهمية كرشنا في التفكير الهندوسي بصفته إلهًا رئيسيًا في هذه الملحمة في الفترة بين 200 ق.م و 200م.
ونتيجة لذلك يمكن استخدام المهابهاراتا لتتبع انتشار وتطّور الفكر الفشنافي نسبة إلى الإله فشنو، في الهندوسية.
 وقد صار الإله فشنو معبودًا ذاتيًا لعابديه عبر ظهوره في صورة كرشنا، الناصح والصديق للأمير أرجونا في المهابهاراتا. وتوجد اليوم نحو ألف وثلاثمائة مسودة للمهابهاراتا تختلف عن بعضها اختلافًا كبيرًا.
 وكلها يُظهر الملحمة في شكلها المتأخر لأن أقدمها يرجع إلى القرن الخامس عشر الميلادي.

وأشهر الإضافات إلى المهابهاراتا هي البجافادجيتا الموجودة في الكتاب السادس،
 وهي الآن أكثر النصوص الهندوسية المقدسة شهرة.
تحكي البجافادجيتا كيف أن أرجونا، الأمير الثالث للباندافا، كانت له شكوك وهواجس
عما إذا كان يتعين عليه محاربة بني عمومته الكاورافاس أو لا.
وقد قام كرشنو متحدثًا باسم سلطة الإله فشنو في إقناعه أن عمله عادل.
 بعد ذلك كانت مهارة أرجونا العسكرية عاملاً حاسمًا لانتصار الباندافا.
 وتشكل تعاليم البجافادجيتا جوهر الهندوسية الحديثة.

وهناك نسخة لاحقة معروفة للمهابهاراتا هي الهاريفامشا
التي تصف خَلْق العالَم،
وتعطي سلسلة نسب لفشنو،
وتتحدث عن مغامرات كرشنا في طفولته بصفته مجسدًا لفشنو.
تنتهي الهاريفامشا نهاية قاتمة بانحطاط الإنسانية بسبب الطريقة التي يُفسد بها الإنسان العالم ويلوثه.
ومثلها مثل الجزء الرئيسي من المهابهاراتا فإن الهاريفامشا هي مجموعة كتـابات لمؤلفين عديدين.
وقد قدمت القصة الرئيسية للمهابهاراتا والأساطير المُستمدة منها مصدرًا مثمرًا للمسرحية والفن والنحت والشعر والنثر الهندي. وساهمت الملحمة، من عدة أوجه، في إثراء الثقافة والعقيدة الهندوسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق