الجمعة، 8 فبراير 2019

رمز الضفدع ..Symbol Of The Frog ...




 ... رمز الضفدع ...

 ...Symbol Of The Frog ...

... من الولادة إلى الميلاد ...
كعادة اﻹنسان القديم كانت أهم اﻷشياء التي شغلت فكر
المصري القديم هي أصل الخلق ، لذا ظهرت العديد من
اﻷساطير حول بداية اﻵلهة و الكون و قد كانت هناك ثلاثة
نظريات حول الخلق و النشأة ، تبعا لثلاثة نظريات مختلفة
اﻷولى تنسب لمدينة " هليوبوليس " و الثانية
" لهرموبوليس و الثالثة بعد أن مزجت ببعض اﻵراء الصغيرة
من نظريات " هرموبوليس " و " منف "
و سأعتمد على أسطورة مدينة " هليوبوليس " ﻹنها المعتمدة
و اﻷكثر تدول في الساحة اﻷثرية ...

اﻷسطورة تتلخص أن قبل الخلق لم يكن هناك شئ على
اﻹطلاق سوى " نون " و التي تعتبر أصل الموجودات
و المخلوقات كلها و التي يفسرها علماء المصريات بأنها
اﻷم أو الرحم الكونية التي خرجت منها كل اﻷشياء
و يمكنني تبسيط التعريف بشكل أكثر وضوحا و منطقية
و القول بأن نون تمثل العدم ، السكوت و الصمت المطلقين
قبيل الخلق ...
بدء الخلق في الحضارة الفرعونية بوجود المحيط اﻷزلي
أو المياه اﻷزلية و التي تطفوا على سطحها بيضة ذهبية
ضخمة ، هي البيضة الكونية التي تتبناها أساطير عدة
حول نشوء الكون و بإنفجار هذه البيضة خرج منها اﻹله
" آتوم " اﻹله اﻷول ، عطس آتوم فخلق بقوة صوته اﻹله
" تشو " إله الهواء ثم بصق بعدها فظهرت إلهة الرطوبة
" تفنوت " و ليكون بذالك الجيل اﻷول من اﻵلهة و بزواجهما
أنجبا " نوت " إله السماء و " جب " رب اﻷرض ثم يفصل
بينهما والدهما اﻹله " تشوا " حيث يرفع " نوت " عاليا
ليصبح السماء بينما يبقى " جب " في اﻷسفل ممثلا اﻷرض .

و لا يخفى على كل باحث في تاريخ الحضارات أن اﻷخيرة
قدمت مكانة خاصة للحيوانات خوفا منهم من جهة ، تقديس
و عبادة من جهة أخرى ، أيضا بإعتبارها واجهة أمامية
تخفي اﻷساطير و المعتقدات الدينية لتقترن كل اﻵلهة
تقريبا بحيوان يعبر ، يمثل سمات و قدرات تلك اﻵلهة ...
للربط بين الفكرتين اﻷولى و الثانية ، كان لبد للمصري
القديم أن يجسد أسطورة الخلق بحيوان ينطبق تتطابق
شامل معها و يدمج تعاليمها في خصال حيوان أهل لذالك ...

إذا هنا لا يكون غير الضفدع كحيوان أنسب ليختير كنموذج
تعبير عن اﻷسطورة و تعاليمها ...
فبإنفجار بيضة الضفدع تخلق في شكل يرقة تسمى
الشرغوف ( كائن مائي ) لتتحول فيما بعد إلى حيوان
برمائي ، كائن تقاطع العالمين البري و المائي ...

قدم الرمز من قدم الحضارة نفسها حيث منحت له الرمزية
منذ فترة ما قبل اﻷسرات ، ففي مقبرة " نفرتاري " التي
تعد كبيرة الملكات أو الزوجة الرئيسية " لرمسيس العظيم "
و هي واحدة من أكثر الملكات المصرية شهرة عثر على هذا
الرمز من بين الرسومات و جداريات المدفن إلى جانب حليها
الذي كان في جانب كبير منه رمز الضفدع حاضر فيه ...
و كان مجسمه قاعدة لتمثالها الذي كان من بين
الموجودات حتى يعطي لروحها الراحلة الخلود و اﻷبدية
فهو رمز الخلود و الحياة المتجددة ...

لبد لهذا الكائن من صفة مفردة مميزة عن باقي الكائنات
تجعله يحمل رمزية في ميثيولوجيا مصر ففي أثناء تأمل المصري القديم لسلوك هذا الحيوان و في موسم طوفان
النيل السنوي و ما ينجر عنه من الدمار ، إتلاف المحاصيل
و موت العديد من الحيوانات كان الضفدع هو الناجي الوحيد
من هذه الكارثة ، فبتراجع منسوب المياه كان هذا الكائن
يخرج من بين الأوحال و البرك متحديا محاربا من أجل
حياة جديدة و كأنه ولد مرة ثانية ...
من هنا أصبح الضفدع إستحضارا لمبدأ الخلق ، رمز تدفق
الحياة و ولادة العالم في المياه البدائية كما جاء في اﻷسطورة و تعبيرا عن الحياة التي تولد من جديد بإستمرار
بالنجاة من غضب النيل منح هذا المخلوق لنفسه مكانة
خاصة و قدسية في عقيدة مصر القديمة مستمرة حتى الدولة الحديثة ...

في فترة اﻷسر الحاكمة منح رمز الضفدع جسد اﻹلهة بتعدد
أسمائها و ألفاظها " حقد " ، " حكات "
" حقات " ، " Haqet " , " Hekit " , " Heket " أحد
اﻵلهة المصرية القديمة ، ربة الولادة و الخصوبة و زوجة
" خنوم " ، " Khanoum " , ظهرت أول مرة في النصوص
البردية لﻷهرامات في إشارة لمساعدة الملك المتوفي في
رحلته إلى السماء ، كانت أيضا تقوم بدور فعال في مساعدة
النساء أثناء الولادة و حماية المواليد من اﻷرواح الشريرة
فترة طفولتهم باﻹضافة إلى إرتباط " Heket " بعلاقة مع
المعبود " أوزير " راعي العالم اﻵخر و الرحلة إلى الغرب ...
هذا ما يفسر وجود تميمة على شكل ضفدع بين شرائح
المومياء من بداية العصور القديمة لمصر ، مرافقة المتوفي
إستنجادا ب " حكات " حتى تؤكد له القيامة بعد الموت ...

إلى جانب اﻹستعانة برمز الضفدع كراعي و حامي خاص
بالنساء الحوامل و اﻷطفال الرضع ، كان واحدا من بين رموز
جلب الخصوبة و القدرة على اﻹنجاب معززا قدرة الذكورة
و اﻷنوثة على حد السواء ، إستخلصت هذه المعاني من طبيعة خلق هذا الكائن ، الذي يكون على موعد مع مواسم
التزاوج على طول ضفاف النيل و قبل الفيضان السنوي
معبرا عن النزو الجنسي و الرغبة الجامحة ، لذالك كان على
المصري أن يجعل هذا الرمز على تمائم ، حلي و خواتم في
أيدي الذكور لنيل بركة الخصوبة و القدرة الجنسية ...
أما المواد المصنوع منها هذه الرمز في التمائم فكانت بين
الزجاج اﻷزرق ، اﻷخضر و في بعض اﻷحيان الرمادي ، ليس
عبثا بل إستحضارا للنوعية الفريدة لجلد الضفدع الرطب
و البراق و الذي يكون مشابها للفضاء الذي يخرج منه
و الذي يتطور فيه ....

كان أيضا رمز الكهنة المقدس الذي يعبر عن إنتقالهم من مرحلة الناس العاديين أو الرعاع إلى أصحاب العلوم و النفوذ فمرحلةخلق هذا الحيوان اأولى تبدأ ببيضة ثم شرغوف في مياه البدائية ( الجهل ) فضفدع ، ليتخذ كرمز للتحول ، التحول المستمر من مرحلة إلى أخرى و تدرج في سلم العلم من درجة إلى التي تليها ...

أستخدم في الكتابة الهيروغليفية للتعبير عن
" صيغة التجدد الدائم للسنوات " و كنظام عددي يحمل
الرقم 100،000 .
أنتشر هذا الرمز ليجوب باقي دول حوض النيل و البحر
اﻷبيض المتوسط لاكن كرمز يمثل حامي المياه
و مصادرها ...
صورته لا تزال قائمة في العصور المسيحية خصوصا على
مصابيح اﻷقباط و مثل لديهم مفتاح الخلاص و التحول
من الخطيئة إلى الغفران .

من الناحية اﻷثرية معنى هذا الرمز ، دفين بالضرورة إذا
كان نفر و في البرية و بديهي أن يكون بقرب مصدر مياه
إذا كان بدون رمز هندسي مرافق ، هدفه في مكان ما
حذوى مصدر المياه أو على ضفاف اﻷنهار ، أما إذا رافقتها
جرون اﻷمر يختلف تماما طبقا لﻹشارة المصاحبة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق