... رمز الضفدع ...
...Symbol Of The Frog ...
... من الولادة إلى الميلاد ...
كعادة اﻹنسان القديم كانت أهم اﻷشياء التي شغلت فكر
المصري القديم هي أصل الخلق ، لذا ظهرت العديد من
اﻷساطير حول بداية اﻵلهة و الكون و قد كانت هناك ثلاثة
نظريات حول الخلق و النشأة ، تبعا لثلاثة نظريات مختلفة
اﻷولى تنسب لمدينة " هليوبوليس " و الثانية
" لهرموبوليس و الثالثة بعد أن مزجت ببعض اﻵراء الصغيرة
من نظريات " هرموبوليس " و " منف "
و سأعتمد على أسطورة مدينة " هليوبوليس " ﻹنها المعتمدة
و اﻷكثر تدول في الساحة اﻷثرية ...
اﻷسطورة تتلخص أن قبل الخلق لم يكن هناك شئ على
اﻹطلاق سوى " نون " و التي تعتبر أصل الموجودات
و المخلوقات كلها و التي يفسرها علماء المصريات بأنها
اﻷم أو الرحم الكونية التي خرجت منها كل اﻷشياء
و يمكنني تبسيط التعريف بشكل أكثر وضوحا و منطقية
و القول بأن نون تمثل العدم ، السكوت و الصمت المطلقين
قبيل الخلق ...
بدء الخلق في الحضارة الفرعونية بوجود المحيط اﻷزلي
أو المياه اﻷزلية و التي تطفوا على سطحها بيضة ذهبية
ضخمة ، هي البيضة الكونية التي تتبناها أساطير عدة
حول نشوء الكون و بإنفجار هذه البيضة خرج منها اﻹله
" آتوم " اﻹله اﻷول ، عطس آتوم فخلق بقوة صوته اﻹله
" تشو " إله الهواء ثم بصق بعدها فظهرت إلهة الرطوبة
" تفنوت " و ليكون بذالك الجيل اﻷول من اﻵلهة و بزواجهما
أنجبا " نوت " إله السماء و " جب " رب اﻷرض ثم يفصل
بينهما والدهما اﻹله " تشوا " حيث يرفع " نوت " عاليا
ليصبح السماء بينما يبقى " جب " في اﻷسفل ممثلا اﻷرض .
و لا يخفى على كل باحث في تاريخ الحضارات أن اﻷخيرة
قدمت مكانة خاصة للحيوانات خوفا منهم من جهة ، تقديس
و عبادة من جهة أخرى ، أيضا بإعتبارها واجهة أمامية
تخفي اﻷساطير و المعتقدات الدينية لتقترن كل اﻵلهة
تقريبا بحيوان يعبر ، يمثل سمات و قدرات تلك اﻵلهة ...
للربط بين الفكرتين اﻷولى و الثانية ، كان لبد للمصري
القديم أن يجسد أسطورة الخلق بحيوان ينطبق تتطابق
شامل معها و يدمج تعاليمها في خصال حيوان أهل لذالك ...
إذا هنا لا يكون غير الضفدع كحيوان أنسب ليختير كنموذج
تعبير عن اﻷسطورة و تعاليمها ...
فبإنفجار بيضة الضفدع تخلق في شكل يرقة تسمى
الشرغوف ( كائن مائي ) لتتحول فيما بعد إلى حيوان
برمائي ، كائن تقاطع العالمين البري و المائي ...
قدم الرمز من قدم الحضارة نفسها حيث منحت له الرمزية
منذ فترة ما قبل اﻷسرات ، ففي مقبرة " نفرتاري " التي
تعد كبيرة الملكات أو الزوجة الرئيسية " لرمسيس العظيم "
و هي واحدة من أكثر الملكات المصرية شهرة عثر على هذا
الرمز من بين الرسومات و جداريات المدفن إلى جانب حليها
الذي كان في جانب كبير منه رمز الضفدع حاضر فيه ...
و كان مجسمه قاعدة لتمثالها الذي كان من بين
الموجودات حتى يعطي لروحها الراحلة الخلود و اﻷبدية
فهو رمز الخلود و الحياة المتجددة ...
لبد لهذا الكائن من صفة مفردة مميزة عن باقي الكائنات
تجعله يحمل رمزية في ميثيولوجيا مصر ففي أثناء تأمل المصري القديم لسلوك هذا الحيوان و في موسم طوفان
النيل السنوي و ما ينجر عنه من الدمار ، إتلاف المحاصيل
و موت العديد من الحيوانات كان الضفدع هو الناجي الوحيد
من هذه الكارثة ، فبتراجع منسوب المياه كان هذا الكائن
يخرج من بين الأوحال و البرك متحديا محاربا من أجل
حياة جديدة و كأنه ولد مرة ثانية ...
من هنا أصبح الضفدع إستحضارا لمبدأ الخلق ، رمز تدفق
الحياة و ولادة العالم في المياه البدائية كما جاء في اﻷسطورة و تعبيرا عن الحياة التي تولد من جديد بإستمرار
بالنجاة من غضب النيل منح هذا المخلوق لنفسه مكانة
خاصة و قدسية في عقيدة مصر القديمة مستمرة حتى الدولة الحديثة ...
في فترة اﻷسر الحاكمة منح رمز الضفدع جسد اﻹلهة بتعدد
أسمائها و ألفاظها " حقد " ، " حكات "
" حقات " ، " Haqet " , " Hekit " , " Heket " أحد
اﻵلهة المصرية القديمة ، ربة الولادة و الخصوبة و زوجة
" خنوم " ، " Khanoum " , ظهرت أول مرة في النصوص
البردية لﻷهرامات في إشارة لمساعدة الملك المتوفي في
رحلته إلى السماء ، كانت أيضا تقوم بدور فعال في مساعدة
النساء أثناء الولادة و حماية المواليد من اﻷرواح الشريرة
فترة طفولتهم باﻹضافة إلى إرتباط " Heket " بعلاقة مع
المعبود " أوزير " راعي العالم اﻵخر و الرحلة إلى الغرب ...
هذا ما يفسر وجود تميمة على شكل ضفدع بين شرائح
المومياء من بداية العصور القديمة لمصر ، مرافقة المتوفي
إستنجادا ب " حكات " حتى تؤكد له القيامة بعد الموت ...
إلى جانب اﻹستعانة برمز الضفدع كراعي و حامي خاص
بالنساء الحوامل و اﻷطفال الرضع ، كان واحدا من بين رموز
جلب الخصوبة و القدرة على اﻹنجاب معززا قدرة الذكورة
و اﻷنوثة على حد السواء ، إستخلصت هذه المعاني من طبيعة خلق هذا الكائن ، الذي يكون على موعد مع مواسم
التزاوج على طول ضفاف النيل و قبل الفيضان السنوي
معبرا عن النزو الجنسي و الرغبة الجامحة ، لذالك كان على
المصري أن يجعل هذا الرمز على تمائم ، حلي و خواتم في
أيدي الذكور لنيل بركة الخصوبة و القدرة الجنسية ...
أما المواد المصنوع منها هذه الرمز في التمائم فكانت بين
الزجاج اﻷزرق ، اﻷخضر و في بعض اﻷحيان الرمادي ، ليس
عبثا بل إستحضارا للنوعية الفريدة لجلد الضفدع الرطب
و البراق و الذي يكون مشابها للفضاء الذي يخرج منه
و الذي يتطور فيه ....
كان أيضا رمز الكهنة المقدس الذي يعبر عن إنتقالهم من مرحلة الناس العاديين أو الرعاع إلى أصحاب العلوم و النفوذ فمرحلةخلق هذا الحيوان اأولى تبدأ ببيضة ثم شرغوف في مياه البدائية ( الجهل ) فضفدع ، ليتخذ كرمز للتحول ، التحول المستمر من مرحلة إلى أخرى و تدرج في سلم العلم من درجة إلى التي تليها ...
أستخدم في الكتابة الهيروغليفية للتعبير عن
" صيغة التجدد الدائم للسنوات " و كنظام عددي يحمل
الرقم 100،000 .
أنتشر هذا الرمز ليجوب باقي دول حوض النيل و البحر
اﻷبيض المتوسط لاكن كرمز يمثل حامي المياه
و مصادرها ...
صورته لا تزال قائمة في العصور المسيحية خصوصا على
مصابيح اﻷقباط و مثل لديهم مفتاح الخلاص و التحول
من الخطيئة إلى الغفران .
من الناحية اﻷثرية معنى هذا الرمز ، دفين بالضرورة إذا
كان نفر و في البرية و بديهي أن يكون بقرب مصدر مياه
إذا كان بدون رمز هندسي مرافق ، هدفه في مكان ما
حذوى مصدر المياه أو على ضفاف اﻷنهار ، أما إذا رافقتها
جرون اﻷمر يختلف تماما طبقا لﻹشارة المصاحبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق